كأنما فات عينيها ومذبحها … من خطمها ومن اللحيين برطيل (١)
تمر مثل عسيب النخل ذا خصل … في غادر لم تخونه الأحاليل (٢)
تهوي على يسرات وهي لاهية … ذوابل وقعهن الأرض تحليل (٣)
يوما تظل به الحرباء مصطخدا … كأن ضاحيه بالشمس محلول (٤)
وقال للقوم حاديهم وقد جعلت … ورق الجنادب يركضن الحصا قيلوا (٥)
أوب يدي فاقد شمطاء معولة (٦) … قامت فجاء بها نكر مثاكيل
نواحة رخوة الضبعين ليس لها … لما نعى بكرها الناعون معقول (٧)
تفري اللبان بكفيها ومدرعها … مشقق عن تراقيها رعابيل (٨)
تسعى الغواة جنابيها وقولهم … إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول (٩)
وقال لكل صديق كنت آمله … لا ألهينك إني عنك مشغول
فقلت خلوا سبيلي لا أبالكم … فكل ما قدر الرحمن مفعول
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته … يوما على آلة حدباء محمول (١٠)
نبئت أن رسول الله أوعدني … والعفو عند رسول الله مأمول (١١)
مهلا هداك الذي أعطاك نافلة … القرآن فيه مواعيظ وتفصيل
(١) برطيل: حجر مستطيل صلب.
(٢) وفي غارز: اي على ضرع. الأحاليل: مخارج اللبن.
(٣) تهوي، وتروى: تخدي أن تسرع. يسرات: القوائم الخفاف. لاهية وتروى: لاحقة، أي غافلة عن السير فهي تسرع فيه من غير اغتراث ومبالاة.
(٤) مصطخدا: محترقا بحر الشمس. ضاحيه: ما برز للشمس منه. محلول: مذاب، وتروى مملول: وهو الموضوع في الملة. وهي الرماد الحار.
(٥) ورق: جمع أورق أو ورقاء. التي يضرب لونها إلى السواد.
(٦) رواية الشطر في ابن هشام: شد النهار ذراعا عيطل نصف
المثاكل: جمع مثكال: وهي الكثيرة الثكل. الشمطاء: التي خالطها الشيب. والمعولة: الرافعة صوتها بالبكاء.
(٧) رخوة الضبعين: مسترخية العضدين.
(٨) المدرع: القميص. رعابيل: جمع رعبول، قطع متفرقة، الممزقة.
(٩) جنابيها: تثنية جناب، حولها، وفيه إشارة إلى أن النبي ﷺ قد أهدر دمه. والبيت في البيهقي:
تسعى الغواة بدفيها وقيلهم … بأنك يا ابن أبي سلمى لمقتول
(١٠) آلة حدباء: النعش الذي يحمل عليه الموت.
(١١) شرع الشاعر من هذا البيت في الدخول إلى ما قصد منه - بعدما مهد فيما سبق من الغزل والوصف - من هنا يبدأ في التنصل مما نسب إليه وما اتهم به، ويطلب العطف والرحمة ويرجو رسول الله أن يغفر له ذنبه ويعفو عن مساوئه وأخطائه.