قال: سمعت عثمان بن عفان وهو على المنبر والمؤذن يقيم الصلاة وهو يستخير الناس يسألهم عن أخبارهم، وأسفارهم. وقال أحمد: حدثنا إسماعيل ثنا إبراهيم ثنا يونس - يعني ابن عبيد - حدثني عطاء بن فروخ مولى القرشيين أن عثمان اشترى من رجل أرضا فأبطأ عليه فلقيه فقال: ما منعك من قبض مالك؟ قال: إنك غبنتني، فما ألقى من الناس أحدا إلا وهو يلومني، قال: أذلك يمنعك؟ قال: نعم! قال: فاختر بين أرضك ومالك، ثم قال: قال رسول الله ﷺ: " أدخل الله الجنة رجلا كان سهلا مشتريا وبائعا وقاضيا ومقتضيا (١) ". وروى ابن جرير أن طلحة لقي عثمان وهو خارج إلى المسجد فقال له طلحة: إن الخمسين ألفا التي لك عندي قد حصلت فأرسل من يقبضها، فقال له عثمان: إنا قد وهبناكها لمروءتك (٢). وقال الأصمعي: استعمل ابن عامر (٣) قطن بن عوف الهلالي على كرمان، فأقبل جيش من المسلمين - أربعة آلاف - وجرى الوادي فقطعهم عن طريقهم، وخشي قطن الفوت فقال: من جاز الوادي فله ألف درهم، فحملوا أنفسهم على العوم، فكان إذا جاز الرجل منهم قال قطن: اعطوه جائزته، حتى جاوزا جميعا وأعطاهم أربعة آلاف ألف درهم، فأبى ابن عامر أن يحسبها له، فكتب لذلك إلى عثمان بن عفان، فكتب عثمان: أن احسبها له، فإنه إنما أعان المسلمين في سبيل الله فمن ذلك اليوم سميت الجوائز لإجازة الوادي، فقال الكناني (٤) في ذلك:
فدى للأكرمين بني هلال … على علاتهم أهلي ومالي
هموا سنوا الجوائز في معد … فعادت سنة أخرى الليالي (٥)
رماحهم تزيد على ثمان … وعشر قبل تركيب النصال (٦)
[فصل]
ومن مناقبه الكبار وحسناته العظيمة أنه جمع الناس على قراءة واحدة، وكتب المصحف على الفرضة الأخيرة، التي درسها جبريل على رسول الله ﷺ في آخر سني حياته، وكان سبب ذلك أن حذيفة بن اليمان كان في بعض الغزوات، وقد اجتمع فيها خلق من أهل الشام، ممن يقرأ على
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ١/ ٥٨، وفي نسخ البداية المطبوعة: إسماعيل بن إبراهيم ثنا يونس تحريف. والصواب ما أثبتناه حسب سياق المسند. (٢) تاريخ الطبري ٥/ ١٣٩. (٣) في فتوح البلدان ٢/ ٤٨٢: ولى الحجاج قطن بن قبيصة بن مخارق الهلالي على كرمان وفارس. وذكره في الإصابة: قطن بن عبد عوف الهلالي له ادراك، استعمله عبد الله بن عامر على كرمان. (٤) ذكره في فتوح البلدان: الحجاف بن حكيم. (٥) في الإصابة: فكانت سنة إحدى الليالي. وفي فتوح البلدان: فصارت سنة … (٦) في فتوح البلدان: وعشر حين تختلف العوالي.