لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم … أذنب ولو كثرت في الأقاويل (١)
لقد أقوم مقاما لو يقوم به … أرى وأسمع ما قد يسمع الفيل
لظل يرعد من وجد موارده (٢) … من الرسول بإذن الله تنويل
حتى وضعت يميني ما أنازعها … في كف ذي نقمات قوله القيل
فلهو أخوف عندي إذ أكلمه … وقيل إنك منسوب ومسئول
من ضيغم بضراء الأرض مخدره … في بطن عثر غيل ذونه غيل (٣)
يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما … لحم من الناس معفور خراديل (٤)
إذا يساور قرنا لا يحل له … أن يترك القرن إلا وهو مغلول
منه تظل حمير الوحش نافرة … ولا تمشي بواديه الأراجيل (٥)
ولا يزال بواديه أخو ثقة … مضرج البز والدرسان مأكول (٦)
إن الرسول لنور يستضاء به … مهند من سيوف الله مسلول
في عصبة من قريش قال قائلهم … ببطن مكة لما أسلموا زولوا (٧)
زالوا فما زال أنكاس ولا كشف … عند اللقاء ولا ميل معازيل (٨)
يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم … ضرب إذا عرد السود التنابيل
شم العرانين أبطال لبوسهم … من نسج داود في الهيجا سرابيل
بيض موابغ قد شكت لها حلق … كأنها حلق القفعاء مجدول (٩)
ليسوا معاريج إن نالت رماحهم … قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا
لا يقع الطعن إلا في نحورهم … ولا لهم عن حياض الموت تهليل
(١) في البيت تذلل وتضرع، وفيه رجاء الا يستباح دمه بسبب أقوال الوشاة والمفسدين.
(٢) في ابن هشام: لظل يرعد إلا أن يكون له.
التنويل: التأمين.
(٣) ضراء الأرض: الأرض التي فيها شجر. عثر: اسم مكان مشهور بكثرة السباع. الغيل: الشجر الكثير الملتف.
(٤) المعفور: الملقى في الترب. والخراديل: قطع صغار.
(٥) في ابن هشام: منه تظل سباع الجو نافرة. الجو: اسم موضع. والأراجيل جماعات الرجال.
(٦) البز: السلاح، والدرسان: الثياب الخلقة.
(٧) زولوا: فعل أمر من زال. يريد تحولهم من مكة إلى المدينة.
(٨) الانكاس: جمع نكس وهو الجبان والرجل الضعيف. والكشف: جمع أكشف وهو الذي لا ترس معه. المعازيل: الذي لا سلاح معهم.
(٩) قفعاء ضرب من الحسك تشبه به حلق الدار.