[خروج النبي ﷺ بأصحابه على ما بهم من القرح والجراح في أثر أبي سفيان]
قال موسى بن عقبة بعد اقتصاصه وقعة أحد، وذكره رجوعه ﵇ إلى المدينة: وقدم رجل من أهل مكة على رسول الله ﷺ فسأله عن أبي سفيان وأصحابه فقال: نازلتهم فسمعتهم يتلاومون ويقول بعضهم لبعض: لم تصنعوا شيئا أصبتم شوكة القوم وحدهم، ثم تركتموهم ولم تبتروهم (١)، فقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم، فأمر رسول الله ﷺ وبهم أشد القرح - بطلب العدو ليسمعوا بذلك وقال: لا ينطلقن معي إلا من شهد القتال. فقال عبد الله بن أبي: أنا راكب معك. فقال لا، فاستجابوا لله ولرسوله على الذي بهم من البلاء فانطلقوا. فقال الله في كتابه:(الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم)[آل عمران: ١٧٢] قال وأذن رسول الله ﷺ لجابر حين ذكر أن أباه أمره بالمقام في المدينة على أخواته (٢)، قال وطلب رسول الله ﷺ العدو حتى بلغ حمراء الأسد (٣). وهكذا روى ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير سواء. وقال محمد بن إسحاق في مغازيه: وكان يوم أحد يوم السبت النصف من شوال فلما كان الغد من يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال أذن مؤذن رسول الله ﷺ في الناس بطلب العدو وأذن مؤذنه ألا يخرجن أحد من حضر يومنا بالأمس. فكلمه جابر بن عبد الله فأذن له. قال ابن إسحاق: وإنما خرج رسول الله ﷺ مرهبا للعدو ليبلغهم أنه خرج في طلبهم ليظنوا به قوة وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم. قال ابن إسحاق ﵀: فحدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان أن رجلا من بني عبد الأشهل قال: شهدت أحدا أنا وأخ لي فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله ﷺ بالخروج في طلب العدو قلت لأخي وقال لي: أتفوتنا غزوة مع رسول الله ﷺ؟ والله ما لنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله ﷺ وكنت أيسر جرحا منه، فكان إذا غلب حملته عقبة (٤) ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون. قال ابن إسحاق: فخرج رسول الله ﷺ حتى انتهى إلى حمراء الأسد وهي من المدينة على ثمانية (٥) أميال فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة. قال ابن هشام: وقد كان استعمل على المدينة ابن أم مكتوم. قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، [أن]
(١) في رواية البيهقي: تبيدوهم. (٢) في قتال أحد، وقد ناشدني ألا أترك نساءنا جميعا وإنما أوصاني بالرجوع للذي أصابه من القتل فاستشهده الله ﷿ زيادة في رواية البيهقي. قال الواقدي: قال جابر: فلم يخرج معه أحد لم يشهد القتال بالأمس غيري. (٣) نقل الخبر البيهقي في الدلائل ج ٣/ ٣١٣ عن عروة بن الزبير. (٤) عقبة: من الاعتقاب في الركوب، نوبة. (٥) في ابن سعد: على عشرة أميال طريق العقيق متياسرة عن ذي الحليفة إذا أخذتها في الوادي.