عبد الله بن حنطب قال: بينا رسول الله ﷺ في المدينة إذ أقبل ذئب فوقف بين يديه، فقال: هذا وافد السباع إليكم فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئا لا يعدوه إلى غيره، وإن أحببتم تركتموه واحترزتم منه فما أخذ فهو رزقه، فقالوا: يا رسول الله ما تطيب أنفسنا له بشئ، فأومأ إليه بأصابعه الثلاث أن خالسهم، قال: فولى وله عواء. وقال أبو نعيم: ثنا سليمان بن أحمد، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا محمد بن كثير، ثنا سفيان، ثنا الأعمش، عن شمر بن عطية، عن رجل من مزينة أن جهينة قال: أتت وفود الذئاب قريب من مائة ذئب حين صلى رسول الله ﷺ فأقعين، فقال رسول الله ﷺ: هذه وفود الذئاب، جئنكم يسألنكم لتفرضوا لهن من قوت طعامكم وتأمنوا على ما سواه، فشكوا إليه الحاجة، قال: فأدبروهم قال: فخرجن ولهن عواء.
وقد تكلم القاضي عياض على حديث الذئب فذكر عن أبي هريرة وأبي سعيد وعن أهبان بن أوس وأنه كان يقال له: مكلم الذئب، قال: وقد روى ابن وهب أنه جرى مثل هذا لأبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، مع ذئب وجداه أخذ صبيا فدخل الصبي الحرم فانصرف الذئب فعجبا من ذلك، فقال الذئب: أعجب من ذلك محمد بن عبد الله بالمدينة يدعوكم إلى الجنة وتدعونه إلى النار، فقال أبو سفيان: واللات والعزى لان ذكرت هذا بمكة ليتركنها أهلوها.
قصة الوحش الذي كان في بيت النبي وكان يحترمه ﵇ ويوقره ويجله
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم، ثنا يونس عن مجاهد قال: قالت عائشة ﵂: كان لآل رسول الله ﷺ وحش، فإذا خرج رسول الله ﷺ لعب واشتد، وأقبل وأدبر، فإذا أحس برسول الله ﷺ قد دخل ربض فلم يترمرم ما دام رسول الله ﷺ في البيت كراهية أن يؤذيه (١). ورواه أحمد أيضا عن وكيع وعن قطن كلاهما عن يونس - وهو ابن أبي إسحاق السبيعي -. وهذا الاسناد على شرط الصحيح. ولم يخرجوه وهو حديث مشهور. والله أعلم.
[قصة الأسد]
وقد ذكرنا في ترجمة سفينة مولى رسول الله ﷺ حديثه حين انكسرت بهم السفينة فركب لوحا منها حتى دخل جزيرة في البحر فوجد فيها الأسد، فقال له: يا أبا الحارث إني سفينة مولى رسول الله ﷺ قال: فضرب منكبي وجعل يحاذيني حتى أقامني على الطريق، ثم همهم ساعة
(١) لم يترمرم: أي سكن ولم يتحرك والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٦/ ١١٣، ١٥٠ ورواه الهيثمي في الزوائد ٩/ ٣ وعزاه لأحمد وأبي يعلى والبزار والطبراني في الأوسط. وذكره السيوطي في الخصائص الكبرى ٢/ ٦٣ عن البيهقي وأبي نعيم وأحمد وأبي يعلى والبزار والطبراني في الأوسط والدار قطني وابن عساكر.