[ما قيل من الاشعار في غزوة مؤتة]
قال ابن إسحاق: وكان مما بكي به أصحاب مؤتة قول حسان:
تأوبني ليل بيثرب أعسر … وهم إذا ما نوم الناس مسهر
لذكرى حبيب هيجت لي عبرة … سفوحا وأسباب البكاء التذكر
بلى إن فقدان (١) الحبيب بلية … وكم من كريم يبتلى ثم يصبر
رأيت خيار المسلمين تواردوا … شعوبا وخلفا بعدهم يتأخر (٢)
فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا (٣) … بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
وزيد وعبد الله حين تتابعوا … جميعا وأسباب المنية تخطر
غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم … إلى الموت ميمون النقيبة أزهر
أغر كضوء البدر من آل هاشم … أبي إذا سيم الظلامة مجسر
فطاعن حتى مال غير مؤسد … بمعترك فيه القنا متكسر (٤)
فصار مع المستشهدين ثوابه … جنان وملتف الحدائق أخضر
وكنا نرى في جعفر من محمد … وفاء وأمرا حازما حين يأمر
وما زال في الاسلام من آل هاشم … دعائم عز لا يزلن ومفخر
هموا جبل الاسلام والناس حولهم … رضام إلى طود يروق ويبهر (٥)
بهاليل منهم جعفر وابن أمه … علي ومنهم أحمد المتخير
وحمزة والعباس منهم ومنهموا … عقيل وماء العود من حيث يعصر
بهم تفرج اللاواء في كل مأزق … عماس إذا ما ضاق بالناس مصدر (٦)
هم أولياء الله أنزل حكمه … عليهم، وفيهم ذا الكتاب المطهر
وقال كعب بن مالك ﵁:
(١) في الديوان: بلاء وفقدان.
(٢) رواية العجز في الديوان: شعوب وقد خلفت فيمن يؤخر.
قال أبو ذر: شعوب بضم الشين: جمع شعب وهي القبيلة. وشعوب بالفتح: اسم للمنية.
(٣) في الأصل تبايعوا، وهي كذلك في البيت التالي، وما أثبتناه من ابن هشام.
(٤) في الديوان: فيه القنا يتكسر.
(٥) الرضام: جمع رضم وهي حجارة يتراكم بعضها فوق بعض، ويبهر، في ابن هشام: ويقهر.
(٦) اللاواء: الشدة. العماس: المظلم.