كل عيش ونعيم زائل … وبنات الدهر يلعبن بكل (١)
أبلغا حسان عني آية … فقريض الشعر يشفي ذا الغلل
كم ترى بالجر من جمجمة … وأكف قد أترت ورجل
وسرابيل حسان سريت … عن كماة أهلكوا في المنتزل (٢)
كم قتلنا من كريم سيد … ماجد الجدين مقدام بطل
صادق النجدة قرم بارع … غير ملتاث لدى وقع الأسل
فسل المهراس ما ساكنه … بين أقحاف وهام كالحجل
ليت أشياخي ببدر شهدوا … جزع الخزرج من وقع الأسل
حين حكت بقباء بركها … واستحر القتل في عبد الأشل (٣)
ثم خفوا عند ذاكم رقصا … رقص الحفان يعلو في الجبل (٤)
فقتلنا الضعف من أشرافهم … وعدلنا ميل بدر فاعتدل
لا ألوم النفس إلا أننا … لو كررنا لفعلنا المفتعل
بسيوف الهند تعلو هامهم … عللا تعلوهم بعد نهل
قال ابن إسحاق: فأجابه حسان بن ثابت ﵁:
ذهبت بابن الزبعري وقعة … كان منا الفضل فيها لو عدل
ولقد نلتم ونلنا منكم … وكذاك الحرب أحيانا دول
نضع الأسياف في أكتافكم … حيث نهوى عللا بعد نهل
نخرج الأصبح من أستاهكم … كسلاح النيب يأكلن العصل (٥)
إذ تولون على أعقابكم … هربا في الشعب أشباه الرسل
إذ شددنا شدة صادقة … فأجأناكم إلى سفح الجبل
بخناطيل كأشداق الملا … من يلاقوه من الناس يهل (٦)
ضاق عنا الشعب إذ نجزعه … وملأنا الفرط منه والرجل
(١) بنات الدهر: حوادثه.
(٢) سرابيل: الدروع.
(٣) بركها: صدرها. عبد الأشل: هم بنو عبد الأشهل.
(٤) الحفان: فراخ النعام.
(٥) الأصبح: قال السهيلي: وصف اللبن الممذوق المخرج من بطونهم، وفي ابن هشام الأضياح: اللبن الممزوج بالماء. العصل: نبات يصلح الإبل إذا أكلته.
(٦) أشداق: تحريف، وفي ابن هشام أشداف ويراد بها جمع شدف، وكتب اللغة جمعت شدف على شدوف. وروى أبو ذر: أمذاق أي: أخلاط الناس