مجالدنا عن ديننا كل فخمة … مذربة فيها القوانس تلمع (١)
وكل صموت في الصوان كأنها … إذا لبست نهي من الماء مترع
ولكن ببدر سائلوا من لقيتم … من الناس والأنباء بالغيب تنفع
وانا بأرض الخوف لو كان أهلها … سوانا لقد أجلوا بليل فأقشعوا
إذا جاء منا راكب كان قوله … أعدوا لما يزجي ابن حرب ويجمع
فمهما يهم الناس مما يكيدنا … فنحن له من سائر الناس أوسع
فلو غيرنا كانت جميعا تكيده … البرية قد أعطوا يدا وتوزعوا
نجالد لا تبقى علينا قبيلة … من الناس إلا أن يهابوا ويفظعوا
ولما ابتنوا بالعرض قالت سراتنا … علام إذا لم نمنع العرض نزرع (٢)
وفينا رسول الله نتبع أمره … إذا قال فينا القول لا نتظلع (٣)
تدلى عليه الروح من عند ربه … ينزل من جو السماء ويرفع
نشاوره فيما نريد وقصرنا … إذا ما اشتهى أنا نطيع ونسمع
وقال رسول الله لما بدوا لنا … ذروا عنكم هول المنيات واطمعوا
وكونوا كمن يشري الحياة تقربا … إلى ملك يحيا لديه ويرجع
ولكن خذوا أسيافكم وتوكلوا … على الله إن الامر لله أجمع
فسرنا إليهم جهرة في رحالهم … ضحيا علينا البيض لا نتخشع
بملمومه فيها السنور والقنا … إذا ضربوا أقدامها لا تورع (٤)
فجئنا إلى موج من البحر وسطه … أحابيش منهم حاسر ومقنع
ثلاثة آلاف ونحن نصية … ثلاث مئين إن كثرنا فأربع (٥)
نغاورهم تجري المنية بيننا … نشارعهم حوض المنايا ونشرع
تهادى قسي النبع فينا وفيهم … وما هو إلا اليثربي المقطع
ومنجوفة حرمية ضاعدية … يذر عليها السم ساعة تصنع (٦)
تصوب بأبدان الرجال وتارة … تمر بأعراض البصار تقعقع
وخيل تراها بالفضاء كأنها … جراد صبا في قرة يتريع
(١) الفحمة: الكتيبة العظيمة. والقوانس: رؤوس بيض السلاح.
(٢) العرض: موضع خارج المدينة.
(٣) لا نتظلع: أي لا نميل عنه. وتروى: لا نتطلع.
(٤) الملمومة: الكتيبة المجتمعة.
(٥) نصية: خيار القوم.
(٦) المنجوفة: السهام. الحرمية: نسبة إلى أهل الحرم. الصاعدية: نسبة إلى صاعد أحد الصناع.