كأن هامهم عند الوغى فلق … من قيض ربد نفته عن أداحيها (١)
أو حنظل ذعذعته الريح في غصن … بال تعاوره منها سوافيها
قد نبذل المال سحا لا حساب له … ونطعن الخيل شزرا في مآقيها
وليلة يصطلي بالفرث جازرها … يختص بالنقرى المثرين داعيها (٢)
وليلة من جمادى ذات أندية … جربا جمادية قد بت أسريها
لا ينبح الكلب فيها غير واحدة … من القريس ولا تسري أفاعيها
أوقدت فيها لذي الضراء جاحمة … كالبرق ذاكية الأركان أحميها
أورثني ذلكم عمرو ووالده … من قبله كان بالمشتى يغاليها (٣)
كانوا يبارون أنواء النجوم فما … دنت عن السورة العليا مساعيها (٤)
قال ابن إسحاق فأجابه حسان بن ثابت ﵁ فقال (قال ابن هشام: وتروى لكعب بن مالك وغيره. قلت: وقول ابن إسحاق أشهر وأكثر والله أعلم):
سقتم كنانة جهلا من سفاهتكم … إلى الرسول فجند الله مخزيها
أوردتموها حياض الموت ضاحية … فالنار موعدها والقتل لاقيها
جمعتموهم أحابيشا بلا حسب … أئمة الكفر غرتكم طواغيها
ألا اعتبرتم بخيل الله إذ قتلت … أهل القليب ومن ألقيته فيها (٥)
كم من أسير فككناه بلا ثمن … وجز ناصية كنا مواليها
قال ابن إسحاق: وقال كعب بن مالك يجيب هبيرة بن أبي وهب المخزومي أيضا:
ألا هل أتى غسان عنا ودونهم … من الأرض خرق سيره متنعنع (٦)
صحارى وأعلام كأن قتامها … من البعد نقع هامد متقطع
تظل به البزل العراميس رزحا … ويحلو به غيث السنين فيمرع
به جيف الحسرى يلوح صليها … كما لاح كتان التجار الموضع
به العين والآرام يمشين خلفة … وبيض نعام قيضه يتقلع (٧)
(١) القيض: قشر البيض الا على. والأداحي: جمع أدحى. وهو الموضع الذي تبيض فيه النعام.
(٢) النقري: أن تخص قوما بالدعوة دون قوم.
(٣) في ابن هشام: بالمثنى بدل بالمشتى.
(٤) السورة: الرفعة والمنزلة.
(٥) أهل القليب: يعني قتلى بدر من المشركين
(٦) متنعنع: مضطرب.
(٧) العين: بقر الوحش.