ولهذا لا بد بين الأصدقاء من التغافل والتغاضي عن بعض الأخطاء، والتسامح عن الزلات، والبعد عن سوء الظن، والحساسية المفرطة.
قال أبو قِلابة: «إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمسْ له العذر جهدك، فإن لم تجد له عذرًا فقل في نفسك: لعل لأخي عذرًا لا أعلمه» (١).
وقال الشاعر:
وإذا ما أتتْ من صاحبٍ لك زَلةٌ … فكنْ أنتَ مُحتالًا لزلَّتِه عُذرا (٢)
قال الآخر (٣):
ومن لا يُغمض عينه عن صديقه … وعن بعض ما فيه يمُت وهو عائبُ
ومن يتتبع جاهدًا كل عثرةٍ … يجدها ولا يسلَم له الدهرَ صاحبُ
وقال الآخر:
أُعاتب إخواني وأُبقي عليهم … ولستُ بمستبقٍ أخًا لا أعاتبه (٤)
وقال أبو زبيد الطائي:
وأُغمِضُ للصديق عن المساوي … مخافةَ أن أعيشَ بلا صديقِ (٥)
وقال الآخر (٦):
ومَن يبغ الصديقَ بغيرِ عيبٍ … سيبقى الدهرَ ليس له صديقُ
وقال النابغة:
ولستَ بمُسْتَبْقٍ أخًا لا تَلُمُّه … على شَعَثٍ أيُّ الرجالِ المهذَّبُ (٧)
(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في «مداراة الناس» (٤٠)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (٢/ ٢٨٥).(٢) انظر: «الصداقة والصديق» ص ٥٨.(٣) سيأتي.(٤) انظر: «الصداقة والصديق» ص ٢٣٩.(٥) المصدر السابق ص ٤٢.(٦) انظر: «السحر الحلال» (ص ٨٣).(٧) انظر: «جمهرة أشعار العرب» (ص ٦٨)، و «الصداقة والصديق» ص ٢٠٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute