٤ أن يحذر كل منهما من كثرة المِزاح، مع أن المزاح أمر مطلوب، ولا بد منه بين المتعاشرين من الأصدقاء وغيرهم؛ لإزالة الوحشة بينهم، ولإدخال السرور والأنس، وإيجاد الثقة بينهم، فإن من لا يتحمل المزاح من صديقه في حدود المعقول والوسط، فليس بصديق، ولن يجد له صديقًا.
لكن ينبغي عدم الإكثار من المزاح والهَزْل؛ لأنه قد يُحدِث شرخًا في الصداقة والمودة.
قال الشاعر (٣):
مازِحْ صديقك ما أراد مِزاحَا … فإذا أباه فلا تَزِدْهُ جِماحَا
فلربما مَزَحَ الصديقُ بمزحةٍ … كانت لبدءِ عداوةٍ مِفتاحَا
ويعزز هذا أن هناك من الأصدقاء من يمزح مع صديقه، ولكنه لا يتحمل المزح من صديقه.
٥ ينبغي أن يعلم الأصدقاء أن الصداقة مع طول المدة لا بد أن يَشُوبَها شيء من الكَدَر، وهذه طبيعة البشر، بل هي هذه طبيعة الحياة كلها، كما قال الشاعر:
طُبعتْ على كَدَرٍ وأنت تُريدها … صَفوًا من الأقذاءِ والأقدارِ