للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأنه مقر على نفسه بالجنايه الموجبة للمال. فصح إقراره، كما لو أقر

بإتلاف مال، أو بما لا تحمل ديته العاقلة.

(ولا) تحمل العاقلة أيضا (ما دون ثلث دية ذكر) حر (مسلم)، كأرش

الموضحة. نص على ذلك، لقضاء عمر أنها لاتحمل شيئا حتى يبلغ عقل

المأمومة.

ولأن الأصل وجوب الضمان على الجاني، لأنه هو المتلف. فكان عليه،

كسائر المتلفين، لكنه خولف في ثلث الدية فأكثر بإجحافه بالجاني لكثرته.

فيبقى ما عداه على الأصل.

ولأن الثلث حد الكثير " لقوله صلى الله عليه وسلم: " والثلث كثير" (١) .

ويستثنى من ذلك صورة أشير إليها بقوله: (إلا غرة جنين مات مع أمه أو

بعدها) أي: بعد أمه (بجناية واحدة) فإن العاقلة تحمل الغرة مع دية أمه. نص

أحمد على ذلك، لأن ديتهما وجبت بجناية واحدة مع زيادتهما على الثلث.

فحملتهما العاقله؛ كالدية الواحدة، (لا قبلها) يعني: لا إن أجهضته ميتا ثم

ماتت بعد ذلك فإن العاقلة لا تحمل الواجب في الجنين، (لنقصه عن الثلث.

وتحمل) العاقلة (شبه عمد) على الأصح، لوقوعه كثيرا كالخطأ؛ لما

روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال: " اقتتلت امرأتان من هذيل. فرمت إحداهما الأخرى بحجر. فقتلتها وما في بطنها. فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية المرأة على عاقلتها " (٢) . متفق عليه.

ولأنه نوع قتل لا يوجب القصاص. فوجبت ديته على العاقلة، كالخطأ.

إذا تقرر هذا فإن الواجب على العاقلة بشبه العمد يكون (مؤجلا) على

العاقلة (في ثلاث سنين، كواجب) عليها (بخطإ)، لأن الواجب على العاقلة

على سبيل المواساة. فاقتضت الحكمة تخفيفه على العاقلة. وقد روي عن عمر


(١) تخريجه ص (٣٢١) رقم (٤).
(٢) سبق تخريجه ص (٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>