كما قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)}.
أولًا: مفهوم الهداية.
[١ - الهداية لغة]
قال الراغب -رحمه الله- في المفردات:«الهداية: دلالة بلطف»(١).
فإن قيل: كيف جعلت الهداية دلالة بلطف وقد قال تعالى: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣)} [الصافات]؟ قيل: استعمال اللّفظ في ذلك على سبيل التّهكّم مبالغة في المعنى كما في قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤)} [التوبة: ٣٤].
وقال الجوهريّ -رحمه الله-: الهدى: الرّشاد والدّلالة؛ يؤنّث ويذكّر، يقال: هداه اللّه للدّين هدًى، والهدى في قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ}[السجدة: ٢٦] أي: لم يبيّن لهم، والهداء مصدر قولك: هديت المرأة إلى زوجها هداء وقد هديت إليه، ويقال: هدى هدي فلان أي: سار سيرته، وفي الحديث:«وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ»(٢)، أي: سيروا سيرته.
والتّهادي أن يهدي بعضهم إلى بعض، وفي الحديث:«تهادوا تحابّوا»(٣).
وقال ابن منظور -رحمه الله-: «هو من هداه يهديه هدًى وهديًا وهداية وهدية. والهدى: ضدّ
(١) المفردات في غريب القرآن: مادة: هدى (ص: ٥٣٨). (٢) ابن حبان (٦٩٠٢)، وهوفي السلسلة الصحيحة (١٢٣٣) للألباني، والحديث مروي عن جمع من الصحابة -رضي الله عنهم- منهم: عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر. (٣) الترمذي (٢١٣٠)، و البخاري في الأدب المفرد (٥٩٤)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٣٠٠٤).