كمن شهد تفرد الله بالنفع والضر، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولم يدر مع ما يحبه ويرضاه، فتوكل عليه، واستعان به على حظوظه وشهواته وأغراضه.
والمعني معنا هنا في بحثنا هو القسم الأول، لذا سيُذكرُ بشيء من التفصيل اليسير عن الإمام الهمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- كما أسلفنا، وكما هو في المدارج.
القسم الأول: خلق لهم عبادة واستعانة
أجلها وأفضلها: أهل العبادة والاستعانة بالله عليها، فعبادة الله غاية مرادهم، وطلبهم منه أن يعينهم عليها، ويوفقهم للقيام بها، ولهذا كان من أفضل ما يسأل الرب تبارك وتعالى الإعانة على مرضاته، وهو الذي علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- لحبه معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، فقال:«يا معاذ، والله إني لأحبك، فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»(١).
فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته، وأفضل المواهب إسعافه بهذا المطلوب، وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا، وعلى دفع ما يضاده، وعلى تكميله وتيسير أسبابه، فتأملها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه-: «تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)}» (٢).