ويُعرِّفها المناوي -رحمه الله- بقوله:«العبادة فعل المكلف على خلاف هوى نفسه تعظيمًا لربه. وقيل: هي الأفعال الواقعة على نهاية ما يمكن من التذلل والخضوع المتجاوز لتذلل بعض العباد لبعض، ولذلك اختصت بالرب، وهي أخص من العبودية التي تعني مطلق التذلل»(٢).
ثانيًا: بيان أقسام العبودية
[العبودية: عبوديتان]
الأولى: عبودية غلبة وقهر وملك:
وهي عبودية كل من في السماوات والأرض مؤمنهم وكافرهم، برّهم وفاجرهم، قال تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)} [مريم: ٩٣ - ٩٥]، كما تسمى أيضًا بالعبودية العامة.
يقول شيخ المفسرين ابن جرير الطبري -رحمه الله-: «ما جميع من في السماوات من الملائكة، وفي الأرض من البشر والإنس، يقول: إلا يأتي ربه يوم القيامة عبدًا له، ذليلًا خاضعًا، مُقِرًّا له بالعبودية، لا نسب بينه وبينه (٣).
ويقول الإمام البغوي -رحمه الله-: {إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ} أي: إلا آتيه يوم القيامة (عبدًا) ذليلًا خاضًعا يعني: أن الخلق كلهم عبيده (٤).
ويقرر أبو السعود ما قرراه، أعني: شيخَ المفسرين، والإمامَ البغوي بقوله: «أي: ما
(١) مدارج السالكين (١/ ١٠٠). (٢) التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (٢٣٤). (٣) تفسير الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١)} [مريم] (١٨/ ٢٦١). (٤) تفسيرالبغوي: تفسير: قوله تعالى {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١)} [مريم] (٥/ ٥٢٧).