فمتى دخلَتِ الأُولَى طَلُقَتْ (٢٥)، سواءٌ دخَلَتِ الأُخْرَى أو لم تَدْخُلْ، ولا تَطْلُقُ بدُخولِ (٢٦) الأُخْرَى. وقال ابنُ الصَّبَّاغِ: تَطْلُقُ بدُخولِ كلِّ واحدةٍ منهما. وقد ذكَرْنا أَنَّ مُقْتَضَى اللُّغةِ ما قُلْناه. وإن قال: أردتُ جَعْلَ الثَّانى شَرْطًا لطلاقِها أيضًا. طَلُقَتْ بكلِّ واحدٍ منهما؛ لأنَّه يُقِرُّ على نَفْسِه بما هو أغْلَظُ. وإن قال: أردتُ أَنَّ دُخولَ الثَّانيةِ شَرْطٌ لطلاقِ الثَّانيةِ، فهو على ما أرادَه (٢٧). وإن قال: أنتِ طالقٌ إن دخلتِ الدَّارَ وإن دَخَلْتِ الأُخْرَى. طَلُقَتْ بدُخولِ إحْداهما؛ لأنَّه عَطَفَ شَرْطًا على شَرْطٍ. فإن قال: أردتُ أَنَّ دُخُولَ الثّانيةِ لا (٢٨) يَمنعُ وقوعَ الطّلاقِ. قُبِلَ منه؛ لأنَّه مُحْتمِلٌ، وطَلُقَتْ بدُخولِ الأُولَى وحدَها. وإن قال: إن دخَلْتِ الدَّارَ وإن دَخَلَتْ هذه الأُخْرَى فأنتِ طالقٌ. فقد قِيلَ: لا تَطْلُقُ إلَّا بدُخولِهما؛ لأنَّه جَعَلَ طلاقَها جزاءً لهذَيْنِ الشَّرطَيْنِ. ويَحْتَمِلُ أن تَطْلُقَ بأحدِهما (٢٩) أيِّهما كان؛ لأنَّه ذكَرَ شَرْطَيْنِ بحَرْفينِ، فيَقْتَضِى كلُّ واحدٍ منهما [جَزاءً، فتَركَ ذِكْرَ](٣٠) جزاءِ الأوَّلِ، وكان الجزاءُ الآخَرُ دَالًّا عليه، كما لو قال: ضَربْتُ وضَرَبَنِى زيدٌ. قال (٣١) الفَرَزْدَقُ (٣٢):
والتَّقديرُ سبَّنى هؤلاء وسَبَبْتُهم. وقال اللَّه تعالى:{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ}(٣٤). أى عن اليَمينِ قَعِيدٌ وعن الشِّمالِ قَعِيدٌ. وإن قال: إن دخلتِ الدَّارَ وأنتِ
(٢٥) فى أزيادة: "وحدها". (٢٦) سقط من: أ. (٢٧) فى أ: "أراد". (٢٨) سقط من: ب، م. (٢٩) فى أ: "بإحداهما". (٣٠) سقط من: الأصل. (٣١) فى الأصل: "وقال". (٣٢) البيت فى ديوانه ٨٤٤. (٣٣) فى الديوان: "ولكن عدلا". والنصف، بالكسر: الإنصاف. اللسان (ن ص ف). وأورد البيت. (٣٤) سورة ق ١٧.