وقال أحمد (١): حدثنا سيَّار، حدَّثنا جعفر، حدثنا أبو غالبٍ، قال: بلغنا أنَّ هذا الكلام في وصية عيسى ابن مريم - صلى الله عليه وسلم -: يا معشر الحواريّين! تحبَّبوا إلى الله ببغض أهل المعاصي، وتقرَّبوا إليه بالمقت لهم، والتمسوا رضاه بسخطهم. قالوا: يا نبي الله! فمن نجالس؟ قال: جالسوا من يزيدُ في أعمالكُم منطقُه، ومن تذكركم بالله رؤيته، ويزهِّدكم في دنياكم عمله.
ويكفي في الإقبال على الله ثوابًا عاجلاً: أن الله ــ سبحانه وتعالى ــ يُقبل بقلوب عباده إلى من أقبل عليه، كما أنه يُعرض بقلوبهم عمَّن أعرض عنه، فقلوب العباد بيد الله لا بأيديهم.
وقال الإمام أحمد (٢): حدَّثنا حسين في تفسير شيبان عن قتادة قال: ذُكر لنا أنَّ هَرِم بن حيَّان كان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله ــ عزَّ وجلَّ ــ بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقه مودَّتهم ورحمتهم.
وقد روي هذا مرفوعًا (٣)، ولفظه: «وما أقبل عبد على الله بقلبه إلَّا أقبل الله عليه بقُلوب عبادهِ، وجعل قُلُوبهم تفدُ إليه بالْوُدِّ، [١٥٩ أ]
(١) في الزهد (ص ٥٤). (٢) في الزهد (ص ٢٣٢). (٣) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (٥٠٢١) من حديث أبي الدرداء. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٢٤٨): فيه محمد بن سعيد بن حسان المصلوب، وهو كذاب.