الذي يبصر به ... إلى [١٥٦ ب] آخره! فإن سمع؛ سمع بالله، وإن أبصر؛ أبصر به، وإن بطش؛ بطش به، وإن مشى؛ مشى به. وهذا تحقيق قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل/ ١٢٨] وقوله: {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت/ ٦٩] وقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال/ ١٩]، وقوله فيما رواه عنه رسوله:«أنا مع عبد ي ما ذكرني، وتحركت بي شفتاه»(١). وهذا ضد قوله:{أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ}[الأنبياء/ ٤٣] فالصحبة التي نفاها هاهنا هي التي أثبتها لأحبابه، وأوليائه وتأمل كيف جعل محبته لعبده متعلقةً بأداء فرائضه! وبالتقرب إليه بالنوافل بعدها لا غير، وفي هذا تعزيةٌ لمدعي محبته بدون ذلك: أنه ليس من أهلها، وإنما معه الأماني الباطلة، والدعاوي الكاذبةُ.
وفي الصحيحين (٢) من حديث أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا أحب الله العبد؛ نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا فأحبُّوه! فيُحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض». وفي لفظ
(١) ذكره البخاري تعليقًا في صحيحه (١٣/ ٤٩٩). وأخرجه أحمد (٢/ ٥٤٠) والبخاري في خلق أفعال العباد (٣٤٤)، وابن المبارك في الزهد (٩٥٦) من حديث أبي هريرة مرفوعًا. وانظر فتح الباري (١٣/ ٥٠٠)، وتغليق التعليق (٥/ ٣٦٣). (٢) البخاري (٦٠٤٠)، ومسلم (٢٦٣٧/ ١٥٧).