قالت جُنِنْتَ على رأسي فقلتُ لها ... العشقُ أعظمُ مِمَّا بالمَجانين
العشقُ لا يستفيقُ الدَّهر صاحبُه ... وإنَّما يُصْرَعُ المجنونُ في الحِيْن
قالوا: وكم من عاشقٍ أتلف في معشوقه مالَه، وعِرْضَه، ونفسَه، وضيَّع أهله، ومصالحَ دينه [٦٩ ب] ودنياه!
قال الزُّبَيْرُ بن بكَّار (١): جاءت بدويةٌ إلى أُختٍ لها، فقالت: كيف بك من حبِّ فلان؟ قالت: حرَّكَ واللهِ حبُّه الساكن! وسكَّن المتحرِّك، ثم أنشأت تقول (٢):
فلو أنَّ ما بي بالحَصَى فلقَ الْحَصى ... وبالرِّيح لم يُسْمَعْ لهنَّ هُبُوبُ
ولو أنَّني أستغفرُ الله كلَّما ... ذكرتُكَ لم تُكْتَبْ عليَّ ذنوبُ
فقلت: والله لأسألنَّه كيف هو مِنْ حُبِّكِ. فجاءته، فسألتُه، فقال: إنَّما الهوى هوانٌ، ولكنَّه خُولِفَ باسمه، وإنَّما يَعْرِفُ ذلك من اسْتَبْكَتْهُ المعالم والطُّلول.
(١) أخرج عنه الخرائطي (ص ٣٢٦ - ٣٢٧)، وانظر ذم الهوى (ص ٣١٦). (٢) البيتان لابن الدمينة في «ديوانه» (ص ١١١)، و «الأشباه والنظائر» للخالديين (٢/ ١٤٠)، و «أمالي» الزجاجي (ص ١٥٧)، و «الحماسة البصرية» (٢/ ١٩٣). ولغصين بن براق أو ابن الدمينة في «المؤتلف» للآمدي (ص ٦٧، ٦٨)، وللمجنون في «ديوانه» (ص ٥٩)، و «الموشى» (ص ١٣٩).