استعمالُ (مَن) و (ما) الموصولتَينِ للعاقل وغيرِ العاقل
في قوله - عليه السلام -: " ... وجَنِّبِ الشيطانَ ما رزقتنا ... "(١).
قال ابنُ الملقن:
"وقولُه: (ما رزقتنا)، أي: شيئًا رزقتنا؛ لأن المشهور أن (ما) لِمَا لا يعقل، و (مَن): لمن يعقل، وإذا كانت (ما) بمعنى شيءٍ وقعت على مَن يعقل وما لا يعقل، وقيل: تكون لمن يعقل، والمعروفُ الأولُ"(٢).
بيان المسألة:
ذكر ابنُ الملقن هنا أن (ما) الموصولة تكونُ لِمَا لا يعقل ولِمَن يعقل، وأن (مَن) لمن يعقل، وبيانُ المسألة كما يلي:
اشتَهَر عند النحويين أن (مَن) الموصولة يُراد بها مَن يعقل، ولا يجوز أن يُعبر بها عمَّا لا يعقل، إلا إذا نُزل منزلةَ مَن يعقل، ومنه قوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ}(٣)، فعُبر عن غير العاقل بـ (من) لتنزُّله منزلةَ العاقل.
وزعم قطربٌ أن (مَن) تقع على ما لا يعقل دون اشتراطِ ما يصحِّحُ ذلك، وجعل من ذلك قولَه تعالى:{وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ}(٥)، وذكر ابنُ السرَّاج أن هذا القولَ غيرُ مرضي؛ إذ
(١) صحيح البخاري ١/ ٤٠، باب التسمية على كل حال وعند الوقاع. (٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح، ٢٩/ ٣٣٣. (٣) النور: ٤٥. (٤) البيت من الطويل لمجنون ليلى في ديوانه ٩٧، وينسب لعباس بن الأحنف في ديوانه ١٤٣، وينظر: شرح الكافية الشافية ١/ ٢٧٧، شرح التصريح ١/ ١٥٥. (٥) الحِجر: ٢٠.