" (ما أنا بقارئ): (ما) هنا نافيةٌ، واسمُها:(أنا)، وخبرُها:(بقارئ)، والباء: زائدة لتأكيد النفي، أي: ما أُحسِنُ القراءة، وقد جاء في رواية:(ما أُحْسِنُ أن أقرأ)، وغُلِّط مَن جعلها استفهاميةً؛ لدخول الباء في خبرها، وهي لا تدخلُ على (ما) الاستفهامية، واحتجَّ مَن قال استفهامية بأنه جاء في روايةٍ لابن إسحاقَ:(ما أقرأ؟ )، أي: أيٌّ أقرأ؟ ولا دلالةَ فيه؛ لجواز أن تكون (ما) هنا نافية أيضًا"(٢).
بيان المسألة:
ذكر ابنُ الملقن رواياتٍ ثلاثًا للحديث، وبيَّن أن (ما) في هذه الرواية (ما أنا بقارئ) نافيةٌ، وخطَّأ مَن جعلها استفهامية، وبيانُ ذلك فيما يلي:
اختلف شراحُ الحديث حول معنى (ما)؛ فمنهم مَن جعلها نافيةً، ومنهم مَن جعلها استفهامية، فمَن جعلها نافية (٣) احتجَّ بقول النحويين: إن (ما) النافيةَ يكثُر دخولُ الباء على خبرها؛ لتأكيد النفي (٤).
قال ابنُ مالك:
وما لِـ"ما" عندَ تَمِيمٍ عَمَلُ ... لأنها حرفٌ لدَيْهِمْ مُهمَلُ
وبعدُ بالبا قد يَجرُّونَ الخَبَرْ ... كغيرِهم وذا كثيرٌ اشتَهَرْ
(١) صحيح البخاري ١/ ٧، باب بدء الوحي. (٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢/ ٢٦٠. (٣) إكمال المعلم بفوائد مسلم ١/ ٤٨٣، مطالع الأنوار على صحاح الآثار ٤/ ٦، شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى ١١٣، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ٢/ ١٩٩، فتح الباري ١/ ٢٤. (٤) اللامات ٧٢، الإنصاف في مسائل الخلاف ١/ ١٣٤، شرح الكافية الشافية ٦٧٢، شرح الأشموني ١/ ٢٥٩، الاقتراح في أصول النحو ١٣٤.