استعان ابنُ الملقن في شرحه للجامع الصحيح بأصل التعليل، مستخدمًا ذلك لأغراض متعددة؛ من أهمها: استعانتُه بالتعليل لعَضْد رأي أو دَحْضه، أو إيضاح معنى.
فمثال ما استعان فيه ابنُ الملقن بالتعليل: في قوله - عليه السلام -: (فمَن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله ... )، إذ قال ابن الملقن:"لا بد فيه من تقدير شيء؛ لأن القاعدة عند أهل الصناعة أن الشرط والجزاء والمبتدأ والخبر لا بد من تغايُرِهما"(١).
ومن ذلك في قول أبي طلحة:(أفعلُ يا رسول الله)، قال ابن الملقن:"هو فعلٌ مستقبل مرفوع. وقال الداودي: يحتمل أن: افعل أنت ذاك، قد أمضيتُه على ما قلتَ؛ فجعَله أمرًا، والأولُ أولى؛ لقوله: فقسَمَها أبو طلحة"(٢). حيث جعل الفعل للمستقبل لدلالة الفعل (فقسمها).
ومثله في (ريح منتن)، إذ قال:"وصوابه: (منتنة)؛ لأن الريح مؤنثة"(٣).
ومن ذلك أيضًا (ليلٌ طويلٌ)، إذ قال:"والرفع أولى من جهة المعنى؛ لأنه الأمكَنُ في الغرور؛ من حيث إنه يخبره عن طول الليل ثم يأمره بالرقاد"(٤).
ومن ذلك في (معاذ بن جبل)، إذ قال ابن الملقن:"ويجوز في (معاذ) النصب والرفع، واختار ابنُ الحاجب النصبَ على أنه تابعٌ لـ (ابن)، فيصيران كاسم واحد مركبٍ؛ كأنه أضيف إلى (جبل)، والمنادى المضافُ منصوبٌ قطعًا، واعترضه ابنُ مالك فقال: الاختيارُ الضم؛ لأنه منادًى علمٌ، ولا حاجة إلى إضمار"(٥).
ومما استعان فيه بالتعليل لعضد رأي: في قول علي - رضي الله عنه -: (بعثني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبيرَ والمقدادَ)، إذ قال: "أكد الضميرَ المنصوب بـ (أنا)، كقوله تعالى: {إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا
(١) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢/ ١٩٠. (٢) المصدر السابق ١٥/ ٢١٢. (٣) المصدر السابق ٢١/ ٢٢٣. (٤) المصدر السابق ٩/ ٨٩. (٥) المصدر السابق ٣/ ٦٥٨.