" ... وخطأُ كونه في الآية بالمعنى الأول -وهو الانتظار- من وجهين:
أحدُهما: أنه عدِّي إلى مفعوله بـ (إلى)، وهو إذا كان بمعنى الانتظار لا يَتعدى بها، وإنما يتعدى بنفسه، قال تعالى:{فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ}(٣)، فعدَّاه بنفسه لَمَّا كان بمعنى (ينتظرون) ... " (٤).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن أن كلمة (ناظرة) في الآية بمعنى النظر والمعاينة من بينِ معانيها الأخرى المحتمَلة لغةً؛ إذ تعني هذه الكلمةُ أكثر من معنى (٥)، وبيان ذلك فيما يلي:
خطَّأ ابن الملقن رأيَ من قال بأنَّ معنَى (ناظرة) من الانتظار، وعلَّل ذلك بأن معنى الانتظار يتطلبُ التعديَ أصالةً بلا واسطة! .
لكن ما قاله ابن الملقن غيرُ مطرد، فلا يتعينُ أن يكون معنَى النظر متعديًا بلا حرف جر (٦)، إذ وردت آياتٌ كريمة أخرى تخالفُ ذلك، من مثل قوله تعالى:{فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}(٧)، فـ (ناظرة) بمعنى: منتظرة مرتقبة (٨).
(١) القيامة: ٢٣. (٢) صحيح البخاري ٩/ ١٢٧، باب قول الله تعالى: {وُجُوه يَومَئِذ نَّاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة}. (٣) محمد: ١٨. (٤) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٣٣/ ٣٢٣. (٥) تهذيب اللغة ١٤/ ٢٦٥ - ٢٦٦، معجم الفروق اللغوية ١٣٤، لسان العرب ٥/ ٢١٧. (٦) نقعة الصديان فيما جاء على الفعلان ٤١، التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل ٦/ ٨٩، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد ٣/ ١٥١٩. (٧) النمل: ٣٥. (٨) تفسير القرطبي ١٣/ ٢٠٠، التحرير والتنوير ١٩/ ٢٦٧، الموسوعة القرآنية ١٠/ ٤٦٢.