"قوله: (حتى فرجَه بفرجِه)، (حتى) هنا عاطفةٌ، وهي عند النحويين لا تَعطِفُ إلا بثلاثة شروط:
١ - أن تعطف قليلًا على كثير، و ٢ - أن يكون من جنسه، و ٣ - أن يُراد به التعظيمُ أو التحقير، والقليلُ هنا الفرج، والكثيرُ الأعضاء، وهو من جنسها، والمرادُ به: التحقير، فيكون (فرجَه) منصوبًا بالعطف" (٢).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن أن (حتى) في هذا الحديث عاطفةٌ، وبيان ذلك فيما يلي:
اختلف النحويون في مجيء (حتى) عاطفة -مع قلة وردها- فَهُم على مذهبين:
١ - المشهور عند البصريين أن (حتى) تأتي للعطف (٣)، ومجيئُها عاطفةً يكون بشروط (٤)، أوردها ابنُ مالك في قوله:
بعضًا بحتى اعطِفْ على كلٍّ ولا ... يكونُ إلا غايةَ الذي تَلَا (٥)
ومثالُ مجيئها عاطفة قول الشاعر:
قهرناكُمُ حتى الكماةَ فإنكم ... لتَخشَوننا حتى بَنِينا الأصاغِرَا (٦)
٢ - وأما الكوفيون فيُنكرون مجيئَها عاطفة، ويقولون في مثل:(جاء القومُ حتى أبوك): إن
(١) صحيح البخاري ٨/ ١٤٥، باب قول الله تعالى: {أَو تَحرِيرُ رَقَبَة} [المائدة: ٨٩]. (٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٣٠/ ٤١٤. (٣) اللمع في العربية ١/ ٧٧، الجنى الداني في حروف المعاني ٥٤٦، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ١/ ١٧١. (٤) شرح الكافية الشافية ٣/ ١٢٠٩، شرح التسهيل ٣/ ٣٤٣، شرح شذور الذهب للجوجري ٢/ ٨٠٣. (٥) ألفية ابن مالك ٤٧. (٦) لم أقف على قائل البيت، وهو من الطويل، وروي بألفاظ مختلفة: فأنتم- فكلكم، يحاذرنا- تهابوننا، ينظر: شرح الكافية الشافية ٣/ ١٣١٠، اللمحة في شرح الملحة ٢/ ٧٠٢، الجنى الداني في حروف المعاني ٥٤٩، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ١/ ١٧٢.