في قوله - عليه السلام -: "والحُبُّ في الله، والبغضُ في الله؛ من الإيمان"(١).
قال ابن الملقن:
" (البغض في الله والحب في الله من الإيمان)، (في) هنا للسببية، أي: بسبب طاعة الله ومعصيته، كقوله - عليه السلام -: "في النفس المؤمنةِ مائةٌ من الإبل"، وكقوله في التي حبَست الهرةَ:(فدخَلت النار فيها)، أي: بسببها، وأصلُ (في) للظرفية"(٢).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن أن (في) أصلُها للظرفية، وجاءت في هذا الحديث بمعنى السببية، وبيان ذلك فيما يلي:
ذهب البصريون إلى أن (في) أصلُها للظرفية حقيقةً أو مجازًا، ولا يُثبتون غير ذلك (٣)، فالحقيقةُ في مثل قوله تعالى: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ} (٤)، وأما المجازُ ففي مثل قوله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُوْلِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(٥).
وذهب الكوفيون (٦)، وكذا ابنُ قتيبة (٧) وابنُ مالك (٨) إلى أن (في) قد تخرجُ عن أصل وَضْعِها -وهو الظرفيةُ- إلى غيره، وأنَّ مما تخرجُ إليه التعليلَ مثلًا، فيكون المعنى في الحديث السابق: البغضُ بسبب معصية الله، والحبُّ بسبب طاعة الله؛ من الإيمان (٩).
وكذا في الحديث الذي أورده ابنُ الملقن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "في النفس المؤمنةِ مائةٌ من
(١) صحيح البخاري ١/ ١٠، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (بني الإسلام على خمس). (٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢/ ٤٤٤. (٣) الكتاب ٢/ ٢١٤، ارتشاف الضرب ٤/ ١٧٢٥، الجنى الداني ٢٥٠، همع الهوامع ٢/ ٤٤٦. (٤) الروم: ٣ - ٤. (٥) البقرة: ١٧٩. (٦) معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٢، ارتشاف الضرب ٤/ ١٧٢٥، همع الهوامع ٢/ ٤٤٦. (٧) أدب الكاتب ٥٠٦. (٨) شرح الكافية الشافية ٢/ ٧٩٥، شرح التسهيل ٣/ ١٥٥. (٩) المنتقى شرح الموطأ ٧/ ٢٧٣، عمدة القاري ١/ ١١٢.