[قال أبو علي]«١» قولهم: الذريّة تكون جمعا وتكون واحدا، فمما جاء فيه «٢» ذرية يراد به الواحد قوله: هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة، ... فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب إن الله يبشرك بيحيى [آل عمران/ ٣٩].
فهذا مثل قوله: فهب لي من لدنك وليا، يرثني [مريم/ ٥]، يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى [مريم/ ٧].
وممّا جاء فيه جمعا قوله: وكنا ذرية من بعدهم [الأعراف/ ١٧٣]، ومنه قوله: ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح [الإسراء/ ٢ - ٣]، فمن أفرد جعله جمعا؛ فاستغنى عن جمعه بوقوعه على الجميع. ومن جمع فمن حجته أن يقول: لا يخلو من أن يكون واحدا، أو جمعا؛ فإن كان واحدا، فلا إشكال في جواز الجمع فيه، وإن كان جمعا فجمعه أيضا حسن، لأنّك قد رأيت الجموع المكسّرة قد جمعت نحو: الطرقات، والجزرات «٣»، وصواحبات يوسف.
ومن حجة من أفرد فلم يجمع، أنّ الذريّة قد وقع على
(١) سقطت من (م). (٢) زيادة من (ط). (٣) جزر وجزرات: جمع الجمع كطرق وطرقات، وهي جمع جزر والجزر جمع الجزور وهي الناقة المجزورة أي المعدة للذبح. انظر اللسان/ جزر/.