للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(فإذا عرفت أن هذا الذي يسميه المشركون في زماننا "الاعتقاد"، هو الشرك الذي أنزل فيه القرآن، وقاتل رسول الله الناس عليه، فاعلم أن شرك الأولين أخف من شرك أهل وقتنا بأمرين:

أحدهما: أن الأولين لا يشركون، ولا يدعون الملائكة، أو الأولياء أو الأوثان، مع الله، إلا في الرخاء، وأما في الشدة فيخلصون الدين لله، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ﴾، وقال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ﴾، إلى قوله: ﴿مَا تُشْرِكُونَ﴾، وقوله: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ﴾ الآية.

فمن فهم هذه المسألة التي وضحها الله في كتابه، وهي أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله يدعون الله، ويدعون غيره في الرخاء، وأما في الشدة، فلا يدعون إلا الله وحده، وينسون ساداتهم، تبين له الفرق بين شرك أهل زماننا، وشرك الأولين، ولكن أين من يفهم قلبُه هذه المسألة فهماً راسخاً؟ والله المستعان).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <   >  >>