للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويدعون عيسى ابن مريم وأمه، وقد قال الله تعالى: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ﴾، واذكر قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾، وقوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ﴾ فقل له: أعرفتَ أن الله كفَّر من قصد الأصنام، وكفَّر أيضًا من قصد الصالحين، وقاتلهم، رسول الله .

نسف المؤلف شبهتهم من أصولها، لأنهم أرادوا أن يثبتوا فرقًا بين من يدعو الأصنام، ومن يدعو الصالحين. فبيَّن المؤلف- أن النكير على هذا، وعلى هذا سواء؛ لأن المقصود في الحالين هو دعاء غير الله ﷿ بصرف النظر عن المدعو، وأن المشركين الذين أنكر عليهم النبي وقاتلهم كانوا يدعون أناسًا صالحين من الخلق؛ فمنهم من كان يدعو الأولياء والصالحين كما قال الله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ [الإسراء: ٥٧] يعني أن أولئك المدعوين، الذين يتخذونهم شفعاء، هم، أنفسهم، يتنافسون في التقرب إلى الله، ويرجون رحمته، ويخافون عذابه. فإذا كان هذا حالهم، فكيف تخالفونهم وتفعلوا غير فعلهم؟ كان الأجدر بكم أن تكونوا مثلهم؛ ترجون رحمته، وتخافون عذابه.

والمقصود أن الكفار الأولين، كانوا يدعون قومًا صالحين. ويدعون المسيح ابن مريم وأمه، فأعظم الله عليهم النكير وقال: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ

<<  <   >  >>