للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وإنما يعنون بالإله ما يعني المشركون في زماننا بلفظ السيد): هذا، أيضًا، اصطلاح عرفي كان موجودًا زمن المؤلف، ولا يزال في بعض الأوساط، وخاصة عند الروافض، والصوفية، فيعتقدون في (السيد)، أنه وسيلة، وزلفى إلى الله ﷿ فيتقربون إليه، ويدعونه، ويتمسحون به، ويتبركون بآثاره، ويعتقدون فيه. فهم في الواقع يخلعون صفة الإله لهؤلاء المعظمين ممن يدعونهم من دون الله ﷿.

قوله: (فأتاهم النبي يدعوهم إلى كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله): هذه الكلمة الشريفة، الثقيلة، العظيمة، مكونة من شقين: نفي، وإثبات؛ ف "لا إله" نفي، و "إلا الله" إثبات، ولا يتم التوحيد إلا بنفي وإثبات؛ نفي كل ألوهية لغير الله، وإثباتها لله وحده. فلو اقتصرت على النفي وحده، لكان في ذلك تعطيلٌ لألوهية الله ﷿. ولو اقتصرت على الإثبات وحده، وقلت: الله إله! فهذا لا يمنع المشاركة؛ فقد يقول قائل: نعم هو إله، وفلان إله، وفلان إله. فإذا قلت: لا إله إلا الله، فقد أفردته بالألوهية. كما إذا قلت: زيد قائم، فقد أثبت القيام لزيد، لكن لا يمنع أن يكون عمرو قائم. وإذا قلت: لا قائم إلا زيد، فقد أفردت زيدًا بالقيام. ولهذا يقرن الله دومًا بين النفي والإثبات، ولما قال الله تعالى في موضع: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [البقرة: ١٦٣]، أردفه فورًا بقوله: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [البقرة: ١٦٣].

<<  <   >  >>