هذه القصة التي يشبهون بها، في ثبوتها نظر، والمحفوظ عنه ما رواه البخاري عن ابن عباس، ﵄، قال:(كَانَ آخِرَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ)(١). وعلى فرض ثبوتها فهي لا تسعفهم في دعواهم. فأين هذا من هذا؟! بل هي عليهم، لا لهم؛ وذلك أن جبرائيل، ﵇، عرض عليه الغوث في أمر يستطيعه، وليس فيه أن إبراهيم استغاث به، بل قال له جبريل:(أَلَكَ حَاجَةٌ؟ فقَالَ إبراهيم: أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا)(٢)، وليتهم نظروا إلى هذا الجانب الذي يدل على كمال التوحيد، لكنهم عموا عنه، ونظروا إلى كون جبرائيل عرض عليه الأمر، وقالوا: ما عرض ذلك عليه إلا لجوازه. ونحن نقول: إذا كان قادرًا فله العرض، وللمعروض عليه القبول أو، الرد. لكن إبراهيم ﵇ اختار الأكمل والأتم، وهو الاكتفاء بالله ﷿، والاستغناء به عما سواه. فلا حجة لهم. والمثال الذي ضربه المؤلف للغني الذي يعرض على الفقير هبة أو قرضًا، مثال منطبق صحيح. وليس في ذلك شائبة من شوائب الشرك.
(١) أخرجه البخاري برقم (٤٥٧٤) (٢) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (١/ ٢٠)، وأصله في الصحيحين.