وروى ابن عبد البر النمري (١)، عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «تعلَّموا العلم؛ فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عباده، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة؛ لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار سبل أهل الجنة، وهو الأنيس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواماً؛ فيجعلهم في الخير قادة وأئمة، تقتص آثارهم، ويُقتدى بأفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه؛ لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظُّلَم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار، والدرجات العلا في الدنيا والآخرة، التفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته تعدل القيام، به توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال والحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعه، يُلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء»(٢).
وروى الإمام أحمد، عن صفوان بن عسال رضي الله تعالى عنه، قال: «أتيت النبي ﷺ وهو في المسجد، متكئ على بُرْدٍ له
(١) هو: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي ﵀، ولد سنة ثمان وستين وثلاث مائة ألف: التمهيد، والاستذكار، والكافي، وغيرها. توفي سنة ثلاث وستين وأربع مائة. انظر: الديباج المذهب ١/ ٣٥٧. (٢) رواه في جامع بيان العلم ١/ ٢٣٨.