وقد صحب عبد الله بن الحارث عمر بن الخطّاب، وروى عنه وعن عثمان بن عفان أيضا، وكان من أفاضل المسلمين، تحوّل إلى البصرة فسكنها وبنى بها دارا، ولما كان أيام مسعود بن عمرو وخرج عبيد الله بن زياد عن البصرة واختلف الناس بينهم، أجمعوا أمرهم فولوا عبد الله بن الحارث صلاتهم وفيئهم، وكتبوا بذلك إلى عبد الله بن الزبير. وقالوا: إنا قد رضينا به، فأقره ابن الزبير على البصرة، فلم يزل عاملا عليها سنة ثم عزله، وخرج عبد الله بن الحارث إلى عمان فمات بها.
أخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان قال: أنبأنا عبد الله بن جعفر قال: نا يعقوب بن سفيان قال: حدّثني خلاد بن أسلم قال: نا النّضر بن شميل قال: نبأنا الرّبيع بن مسلم قال: نبأنا عمرو بن دينار، قال: قدم عبد الله بن الحارث حاجّا، فأتى ابن عمر فسلم والقوم جلوس فلم يره بشّ بهكما كان يفعل، فقال: يا أبا عبد الرّحمن أما تعرفني؟ قال: بلى ألست ببه؟ قال: فشق ذلك عليه وضحك القوم، ففطن عبد الله بن عمر، فقال: إن الذي قلت لا بأس به، ليس يعيب الرجل. إنما كان غلاما خادرا، وكانت أمه تنزيه أو تنبزه تقول:
لأنكحنّ ببّه … جارية خدبّة
[مكرمة محبّه … تحب أهل الكعبة (١)]
قال يعقوب: وهذا عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشميّ، كان بقي أهل البصرة بعد موت يزيد بن معاوية بلا أمير، فاصطلح عليه