للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد طويناه فوق خِشفٍ كحيلٍ … أحورِ الطرفِ فاترٍ سَحّارِ

وعكفنا على المُدامة فيه … فرأينا النهار في الظهر جارى

وهى مليحةٌ كما ترى. وفي ذكرها كلِّها تطويل، والإيجاز أمثل وما أحسبك ترى بتدوين هذا وما أشبهه بأسا.

ومدح رجلٌ بعض أمراء البصرة، ثم قال بعد ذلك وقد رأى توانياً في أمره، قصيدَةً يقول فيها كأنه يجيب سائلاً:

جوَّدتَ شعرَك في الأمي … رِ فكيفَ أمْرُك قلتُ فاترْ

فكيفَ تقول لهذا، ومن أى وجه تأتى فتظلمه، وبأى شئٍ تعانده فتدفعه عن الإيجاز، والدلالة على المراد بأقصر لفظٍ وأوجز كلام. وأنت الذي أنشدتنى:

سَدَّ الطريقَ على الزما … نِ وقام في وجه القطوب

كما أنشدتَنى لبعض شُعراء الموصل:

فدَيتك ما شبت عن كُبرةٍ … وهذى سِنِيَّ وهذا الحسابُ

ولكن هُجِرتُ فحَلَّ المشيبُ … ولو قد وُصِلتُ لعاد الشبابُ

فلِمَ لم تخاصم هذين الرجلين في مزاحمتهما فحولة الشعراء وشياطين الإِنس، ومَرَدة العالَم في الشعر.

وأنشدنى أبو عبد اللّه المغلسى المراغى لنفسه:

غداةَ تولت عِيسُهم فترحلوا … بكيت على ترحالهم فعميتُ

فلا مُقلتِى أدّت حقوقَ وِدادهم … ولا أنا عن عينى بذاك رضيتُ

وأنشدنى أحمد بن بندار لهذا الذي قدمت ذكره، وهو اليوم حى يرزق:

زارَنى في الدُّجى فنمَّ عليه … طيبُ أردانِه لدى الرقباءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>