ومما يرجح القول الثاني ويعضده القاعدة الترجيحية التي تقول:(تأتي القراءة في معنى الترجيح لأحد المعاني القائمة في الآية) , وقد وردت قراءة عن فضالة بن عبيد في قوله " فارغاً "، وقد تقدم ذكرها , وهي وإن كانت قراءة شاذة إلا أنه قد يستأنس بها في الترجيح.
وهناك قرائن أخرى ذكرها أحد الباحثين من العلماء الدكتور (زيد عمر عبد الله) في ترجيح هذا القول وهي:
١ - إن في السياق قرائن تدل على أن أم موسى انتابها شيء من الخوف والقلق على ابنها؛ فإن فؤادها أصبح فارغاً, ويعبر بفراغ الفؤاد عن ذهاب العقل, ومثله قوله تعالى:{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}(٢) لا عقول فيها , وإن شاع في كلام الناس "فلان خلي البال", إذا كان لا هم بقلبه , لكن السياق يأباه.
٢ - صُدِّرت الآية بقوله تعالى (فأصبح) , وهى مستعملة هنا بمعنى "صار", فاقتضى تحولاً من حالة إلى أخرى, أي: كان فؤادها غير فارغ، فصار فارغاً، وجاء الإخبار عن فراغ فؤادها بعد الإخبار عن إلقاء موسى في الماء؛ فكان من مستتبعاته.
٣ - ورد في الآية أن الله ربط على قلبها, والربط على القلب توثيقه من أن يضعف، كما يشد العضد الوهن , وهذا لا يكون إلا في حالة الخوف
(١) التفسير الكبير / الرازي، ج ٨، ص ٥٨١. (٢) سورة إبراهيم، الآية (٤٣).