وأما كون الظل المذكور بعد الذي زالت عليه الشمس؛ فلأن الشمس تزول في بعض الأوقات وبعض الأمكنة وللشيء ظل فلم يكن بد من اعتباره.
قال:(والأفضل تعجيلها إلا في شدة الحر والغيم لمن يصلي جماعة).
أما كون الأفضل تعجيل الظهر في غير الحالتين المذكورتين؛ فلحديث أبي برزة المتقدم.
ولقول عائشة:«ما رأيت أحداً أشد تعجيلاً للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من أبي بكر ولا من عمر رضي الله عنهما»(١). قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وأما كون الأفضل في شدة الحر تأخيرها؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة. فإن شدة الحر من فيح جهنم»(٢) متفق عليه.
فإن قيل: الأمر بالإبراد رخصة أم سنة.
قيل: الأرجح أنه سنة؛ لأنه أمر به، وأدنى مراتب الأمر الاستحباب؛ فلأن شدة الحر تمنع الخشوع. فجرى مجرى حضور الطعام [والشراب](٣) وبه حاجة إليه. ذكر ذلك صاحب النهاية فيها. وصرح المصنف رحمه الله في المغني والكافي أنه مستحب لما تقدم.
فإن قيل: الإبراد يستحب في الجمعة كالظهر.
قيل: لا؛ لما روى سلمة بن الأكوع «كنا نُجَمِّع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس»(٤).
(١) أخرجه الترمذي في جامعه (١٥٥) ١: ٢٩٢ أبواب الصلاة، باب ما جاء في التعجيل بالظهر. وأخرجه أحمد في مسنده (٢٤٥١٧) ط إحياء التراث. (٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٥١٢) ١: ١٩٩ كتاب مواقيت الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر. وأخرجه مسلم في صحيحه (٦١٥) ١: ٤٣٠ كتاب المساجد، باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر ... ، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٣) زيادة من ج. (٤) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٩٣٥) ٤: ١٥٢٩ كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية. وأخرجه مسلم في صحيحه (٨٦٠) ٢: ٥٨٩ كتاب الجمعة، باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس.