النكاح في اللغة: الجمع. ومنه قولهم: أنكحنا الفرى فسنرى. أي جمعنا حمار الوحش وأمه (١) فسيرى ما يتولد منهما. يضرب مثلاً للأمر يجتمعون له ثم يفترقون عنه. ومنه قول الشاعر:
أنكحت ضم خفاها خف يَعْمَلَةٍ
أي جمعت بين خفيها (٢) وبين خف الناقة.
ومنه قول الشاعر:
أيها المنكح الثُّرَيّا سُهيلاً ... عمرك الله كيف يلتقيان
أي فكيف يجتمعان.
وفي الشرع: هو العقد. وقيل: هو الوطء.
وقال القاضي: الأشبه بأصلنا أنه حقيقة فيهما؛ لقولنا بتحريم موطوءة الأب بملك اليمين أو شبهه؛ لدخوله في قوله تعالى:{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف}[النساء: ٢٢].
والصحيح أنه العقد؛ لأنه أشهر استعمالاً.
ولأنه يصح نفيه عن الوطء؛ لأنه يقال في الزنا: سفاح. وليس بنكاح. ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم:«وُلدتُ من نكاحٍ لا منْ سِفَاح»(٣).
ولأنه يقال في السُّرية: ليست بزوجة ولا منكوحة.
وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع: أما الكتاب فقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}[النساء: ٣].
وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام:«يا معشرَ الشباب! من استطاعَ منكمُ الباءَةَ فليتزوّج .. مختصر»(٤) متفق عليه.
(١) في أ: ابنه. (٢) في أ: خفاها. واليَعْمَلة: الناقة النجيبة المطبوعة على العمل. الصَّحاح، مادة عمل. (٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٩٠ كتاب النكاح، باب نكاح أهل الشرك وطلاقهم. ولفظه قوله صلى الله عليه وسلم: «خرجت من نكاحٍ غير سفاح». (٤) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٧٧٨) ٥: ١٩٥٠ كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج .. ». وأخرجه مسلم في صحيحه (١٤٠٠) ٢: ١٠١٨ كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ..