وأما كون الواجب القصاص عيناً في روايةٍ؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«منْ قُتِلَ عمداً فهوَ قَوَد»(١).
ولأنه بدل متلف. فكان معيناً؛ كسائر المتلفات.
وأما كون الأول في ظاهر المذهب؛ فلما تقدم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«كانَ في بني إسرائيلَ القصاصُ ولم تكنْ فيهمُ الديّةُ فأنزل اللهُ هذه الآية: {كُتب عليكم القصاص في القتلى ... الآية}[البقرة: ١٧٨]»(٢).
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«منْ قُتِلَ له قتيلٌ فهو بخير النظرين: إما أن يُودَى، وإما يقاد»(٣) متفق عليه.
وروي عنه أنه قال:«ثم أنتمْ يا خُزاعةَ قد قَتلتُمْ هذا القتيلَ وإنا واللهِ عاقلتُه. فمن قَتَلَ بعدَهُ قَتيلاً فأهلُه بين خِيَرَتيْنِ: إن أحبُّوا قَتَلُوا وإن أحبُّوا أخذوا الديّة»(٤). رواه أبو داود.
ولأن الدية أحد بدلي النفس. فإذا وجبت كانت بدلاً عنها لا عن بدلها؛ كالقصاص.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:«فهوَ قَوَد»(٥) فالمراد به وجوب القود، وذلك مما لا نزاع فيه.
وأما قياس القتل على سائر المتلفات فلا يصح لأن الفرق بينه وبينها ظاهر، وذلك [أن القتل يخالف سائر المتلفات](٦) لأن بدلها لا يختلف بالقصد وعدمه، والقتل بخلافه.
(١) سبق تخريجه ص: ١٥ (٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٢٢٨) ٤: ١٦٣٦ كتاب تفسير القرآن، باب: {يا أيها الذين آمنوا كتب ... }. وأخرجه النسائي في سننه (٤٧٨١) ٨: ٣٦ كتاب القسامة، تأويل قوله عز وجل: {فمن عفي له من أخيه ... }. (٣) سبق تخريجه ص: ٩ (٤) أخرجه أبو داود في سننه (٤٥٠٤) ٤: ١٧٢ كتاب الديات، باب ولي العمد يرضى بالدية. (٥) سبق تخريجه ص: ١٥ (٦) ساقط من أ.