قال:(ويتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع. فإن أسبغ بدونهما أجزأه).
أما كون المتوضئ يتوضأ بالمد والمغتسل يغتسل بالصاع فـ «لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغسله الصاع من الجنابة ويوضؤه المد»(١) رواه مسلم.
فإن قيل: ما قدر الصاع والمد؟
قيل: الصاع خمسة أرطال وثلث؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لكعب بن عجرة:«أطعم ستة مساكين فَرَقًا من طعام»(٢).
قال أبو عبيد: لا خلاف بين الناس أعلم أن الفَرَق ثلاثة آصع، والفَرَق ستة عشر رطلاً.
فثبت أن الصاع خمسة أرطال وثلث.
وروي «أن أبا يوسف دخل المدينة وسألهم عن الصاع. فقالوا: خمسة أرطال وثلث. فطالبهم بالحجة. فقالوا: غدًا. فجاء من الغد سبعون شيخًا كل واحد منهم آخذ صاعه تحت ردائه. فقال: صاعي ورثته عن أبي وورثه أبي عن جدي حتى انتهوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. فرجع أبو يوسف عن قوله»(٣). وهذا إسناد متواتر يفيد القطع. وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«المكيال مكيال المدينة»(٤). والمد ربع الصاع. فوزنه على ما ذكر رطل وثلث.
وأما كون الإسباغ. ومعناه: أن يعم جميع الأعضاء بالماء بحيث يجري عليها يجزئ؛ فلأن هذا هو الغسل. فإذا أتى به فقد أتى بما أمر به.
(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٣٢٦) ١: ٢٥٨ كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة ... (٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٩٢٧) ٤: ١٥٢٧ كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية. وأخرجه مسلم في صحيحه (١٢٠١) ٢: ٨٦١ كتاب الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى ... (٣) انظر القصة في الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان ص: ٦٣ - ٦٤. والأموال ص: ٤٦٣. (٤) أخرجه أبو داود في سننه (٣٣٤٠) ٣: ٢٤٦ كتاب البيوع، باب في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المكيال مكيال أهل المدينة». وأخرجه النسائي في سننه (٢٥٢٠) ٥: ٥٤ كتاب الزكاة، كم الصاع.