فإن قيل: الحديث لا تقييد فيه. فلم قُيد ببعد الزوال؟
قيل: لأن الرائحة إنما تصير غالبًا في مثل ذلك الوقت فوجب اختصاص الحكم به.
فإن قيل: إذا لم يستحب ذلك فهل يكره؟
قيل: فيه روايتان:
إحداهما: يكره؛ لما روى حباب بن المنذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا نورًا بين عينيه يوم القيامة»(١) رواه الخطيب، وضعفه ابن معين.
ولما تقدم من قوله:«لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك»(٢).
والثانية: لا يكره؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من خير خصال الصائم السواك»(٣) رواه ابن ماجة.
وقال عامر بن ربيعة:«رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا أحصي يتسوك وهو صائم»(٤) رواه الترمذي. وقال: هذا حديث حسن.
والأولى أصح.
وتحمل الأحاديث في سواك الصائم على أنه قبل الزوال جمعًا بينها.
قال:(ويتأكد استحبابه في ثلاثة مواضع: عند الصلاة، والانتباه من النوم، وتغير رائحة الفم).
أما كون السواك يتأكد استحبابه عند الصلاة فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»(٥) متفق عليه.
(١) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ٥: ٨٩. وأخرجه الدارقطني في سننه (٧) ٢: ٢٠٤ كتاب الصيام، باب السواك للصائم. (٢) سبق تخريجه ص ١٣٣. (٣) أخرجه ابن ماجة في سننه (١٦٧٧) ١: ٥٣٦ كتاب الصيام، باب ما جاء في السواك والكحل للصائم. (٤) أخرجه أبو داود في سننه (٢٣٦٤) ٢: ٣٠٧ كتاب الصوم، باب السواك للصائم. وأخرجه الترمذي في جامعه (٧٢٥) ٣: ١٧ كتاب الصوم، باب ما جاء في السواك للصائم. (٥) أخرجه البخاري في صحيحه (٨٤٧) ١: ٣٠٣ كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة. وأخرجه مسلم في صحيحه (٢٥٢) ١: ٢٢٠ كتاب الطهارة، باب السواك.