في تقدير الرب تبارك وتعالى شقاوةَ العباد وسعادتَهم وأرزاقَهم وآجالَهم وأعمالَهم قبل خلقهم، وهو تقدير ثانٍ بعد التقدير الأول
عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: كنّا في جنازة في بَقِيع الغَرْقَد، فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقعد وقعدنا حوله، ومعه مِخْصَرة (١)، فنكَّسَ فجعل يَنْكُتُ بمِخْصَرته، ثم قال:"ما منكم من أحد، ما من نفس مَنْفُوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة". قال: فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل؟ فقال:"من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومَن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة"، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ} [الليل:٥ - ١٠].
وفي لفظ:"اعملوا فكل ميسَّر، أما أهل السعادة فيُيَسَّرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فيُيَسَّرون لعمل أهل الشقاوة"، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ} (٢).
وعن عمران بن حُصين قال: قيل: يا رسول الله، أَعُلِم أهلُ الجنة من
(١) المِخْصَرة: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه أو يتكئ عليه من عصا أو عكازة ونحوها، "النهاية في الغريب" (خصر) (٢/ ٣٦). (٢) أخرجه البخاري (١٣٦٢)، ومسلم (٢٦٤٧) واللفظ له.