هم عاملون، وخلق أهل النار وما هم عاملون، فقال: هؤلاء لهذه، وهؤلاء لهذه. قال: فتفرق الناس وما يختلفون في القدر (١).
فصل
المرتبة الرابعة من مراتب الهداية: الهداية إلى الجنة والنار يوم القيامة، قال تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: ٢٢ - ٢٣]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} [محمد: ٤ - ٥]، فهذه هداية بعد قتلهم.
فقيل: المعنى: سيهديهم إلى طريق الجنة، ويصلح حالهم في الآخرة بإرضاء خصومهم، وقبول أعمالهم.
وقال ابن عباس:"سيهديهم إلى أرشد الأمور، ويعصمهم أيام حياتهم في الدنيا"(٢)، واستُشْكِل هذا القول؛ لأنه أخبر عن المقتولين في سبيله بأنه سيهديهم، واختاره الزجاج، وقال: يصلح بالهم في المعاش، وأحكام الدنيا، قال: وأراد أنه يجمع لهم خير الدنيا والآخرة (٣)، وعلى هذا القول فلابد من حمل قوله:{قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} على معنى يصح معه إثبات الهداية وإصلاح البال.
* * * *
(١) أخرجه أبو داود في كتاب "القدر" كما في "تهذيب الكمال" (١٦/ ٣٥٨)، والفريابي في "القدر" (٥٤)، وبإسناد أبي داود مختصرًا الدارمي في "الرد على الجهمية" (٢٥٧). (٢) نسبه إليه في "البسيط" (٢٠/ ٢٢٣). (٣) بمعناه في "معاني القرآن" (٥/ ٧)، وانظر: "البسيط" (٢٠/ ٢٢٣).