"ألا تصلون؟ " قال علي: فقلت: يا رسول الله، إنما أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثها بعثها. فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قلت له ذلك ولم يرجع إليّ شيئًا، ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه، وهو يقول:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}[الكهف:٥٤].
قيل: علي لم يحتج بالقدر على ترك واجب ولا فعل محرم، وإنما قال: إن نفسه ونفس فاطمة بيد الله، فإذا شاء أن يوقظهما ويبعث أنفسهما بعثها.
وهذا موافق لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة باتوا (١) في الوادي: "إن الله قبض أرواحنا حيث شاء، وردها حيث شاء"(٢).
وهذا احتجاج صحيح، صاحبه معذور فيه؛ فإن النائم غير مفرّط، واحتجاج غير المفرّط بالقدر صحيح.
وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣) إلى الاحتجاج بالقدر في الموضع الذي ينفع العبد الاحتجاج به، فروى مسلم في "صحيحه"(٤) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أنِّي فعلتُ لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل؛ فإن
(١) "م": "ناموا". (٢) أخرجه البخاري (٥٩٥) بلفظ: "إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء"، ومسلم (٦٨١) من طرق عن أبي قتادة. (٣) "م": "أرشد الله النبي - صلى الله عليه وسلم - " بزيادة لفظ الجلالة، والمعنى لا يساعده. (٤) برقم (٢٦٦٤).