وفي "الصحيحين" (٢) عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسانه، كما تُنْتَج البهيمةُ جَمْعاء، هل تحسون فيها من جَدْعاء؟ (٣) حتى تكونوا أنتم تجدعونها"، قالوا: يا رسول الله، أفرأيت مَن يموت منهم وهو صغير؟ قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين".
ومعنى الحديث: الله أعلم بما كانوا عاملين لو عاشوا.
وقد قال تعالى:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}[الجاثية: ٢٣]، قال ابن عباس: "عَلِم ما يكون قبل أن يخلقه" (٤).
وقال أيضًا: "على علم قد سبق عنده" (٥).
(١) أخرجه البزار كما في "كشف الأستار" (٢١٧٦)، وابن الجعد (٢٠٣٨) ـ ومن طريقه اللالكائي في "شرح الأصول" (١٠٧٦) ـ، وفي إسناده عطية العوفي ضعيف. وفي الباب عن أبي هريرة وأنس ومعاذ والأسود بن سريع ـ وهو أمثلها ـ تشد أصل الحديث، ورد ابن عبد البر طرق الباب كلها رواية ودراية في "التمهيد" (١٨/ ١٣٠)، وانظر: "القضاء والقدر" للبيهقي (٣٦١ - ٣٦٢)، "السلسلة الصحيحة" (٢٤٦٨). (٢) البخاري (٦٥٩٩)، ومسلم (٢٦٥٨) مع اختلاف يسير. (٣) البهيمة الجمعاء هي التي لم يذهب من بدنها شيء، والجدعاء المقطوعة الأذن، انظر: "فتح الباري" (٣/ ٢٥٠). (٤) حكاه الواحدي في "البسيط" (٢٠/ ١٤٨). (٥) أخرجه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (١٦٢٢).