خالقه، وخالق ما فعل به من القدرة والإرادة، وخالق فاعليّته.
وسر المسألة: أن العبد فاعل مُنْفَعِل باعتبارين، بل هو مُنْفَعِلُ فاعليّته، فربه تعالى هو الذي جعله فاعلًا بقدرته ومشيئته، وأقدره على الفعل، وأحدث له المشيئة التي يفعل بها.
قال الأشعري:"وكثير من أهل الإثبات يقولون: إن الإنسان فاعل في الحقيقة بمعنى: مُكْتَسِب، ويمنعون أنه مُحْدِث"(١).
قلت: هؤلاء وقفوا مع ألفاظ الكتاب والسنة، فإنهما مملوآن من نسبة الأفعال إلى العبد باسمها العام وأسمائها الخاصة، فالاسم العام كقوله تعالى:" تَعْمَلُونَ، تَفْعَلُونَ، مَا "، والأسماء الخاصة:" الَّذِينَ يُقِيمُونَ، الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ، بِهِ، وَيَخَافُونَ، يَتُوبُونَ، الْكَافِرِينَ ".
وأما لفظ الإحداث فلم يجئ إلا في الذم، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله من أحدث حَدَثًا، أو آوى مُحْدِثًا"(٢)، فهذا ليس بمعنى الفعل والكسب.
وكذلك قول عبد الله بن مغفّل لابنه:"إياك والحدث في الإسلام"(٣).
(١) "مقالات الإسلاميين" (٥٤٠). (٢) أخرجه مسلم (١٩٧٨)، وأبو عوانة (٧٨٤٤) ـ واللفظ له ـ من حديث علي بن أبي طالب. (٣) أخرجه أحمد (٢٠٥٥٩)، والطحاوي في "شرح المعاني" (١١٩٦).