الكعبة بيقين، وإذا خالف جهة نحريه لم تجزه (١) وإن أصاب الكعبة. وكذا قالوا: إذا اختلط اللحم الحلال (٢) باللحم الحرام، والحلال غالب: لا يحل إلا بالتحري. والتحري هو العمل بالإلهام وتحكيم القلب (٣)، فثبت أن الإلهام حق من الله تعالى، وأنه واجب العمل به.
وجه قول أهل الحق:
- قوله تعالى:"فاعتبروا يا أولي الأبصار"(٤). وقال تعالى:"أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض"(٥) - أمر بالاعتبار (٦) والنظر، وما أمر بالرجوع إلى القلب.
- وكذلك قال عليه السلام لمعاذ رضي الله عنه حين بعثه إلي اليمن قاضياً (٧): "بم تقضي؟ " قال: "بكتاب الله تعالى (٨) " قال: "فإن لم تجد" قال: " فبسنة (٩) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "قال: "فإن لم تجد؟ " قال: "أجتهد في ذلك رأيي" - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحمد لله الذي وفق رسول رسوله"، ولم يقل:"اقض (١٠) بالإلهام"، ولم يأمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مأمور بمشورة أصحابه في الحوادث التي لا نص فيها، بقوله (١١): "وشاورهم في الأمر"(١٢). ولم يكن مأموراً بالرجوع إلى قلبه في فصل الخصومات.
(١) في ب كذا: "لم ـحره". (٢) "الحلال" من ب. (٣) "والتحري هو العمل ... القلب" من ب. (٤) سورة الحشر: ٢. وانظر أيضاً: آل عمران: ١٣. والنور: ٤٤. وراجع فيما تقدم ص ٥٦١ وما بعدها. (٥) سورة الأعراف: ١٨٥ - {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}. (٦) في ب: "بالإبصار". راجع فيما تقدم الهامش ١ ص ٦٧٧. (٧) "قاضياً" من ب. (٨) "تعالى" ليست في ب. (٩) في ب: "بسنة". (١٠) "اقض" من ب. (١١) في ب: "وهو وقوله تعالى". (١٢) آل عمران: ١٥٩.