مسألة - هل يجوز للعالم المجتهد في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجتهد في حال حضرته أو غيبته أم لا؟
قال أكثر العلماء رحمهم الله: يجوز لمن كان يبعد منه (١).
واستدلوا بحديث معاذ رضي الله عنه أنه (٢) حين بعث إلى اليمن (٣) أمره (٤) النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاجتهاد، وهو حديث مشهور.
وقال بعضهم: لا يجوز، لأن اجتهاد غير النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتمل الخطأ (٥)، وإنما يجب العمل به عند الضرورة، ولا ضرورة مع إمكان الوصول إلى الصواب بيقين، وهو الرجوع إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال بعضهم: يجب التوقف فيه. لأن هذه المسألة من باب العلم (٦) دون العمل، فلا يجوز القول فيه بالقطع بحديث معاذ رضي الله عنه، وهو من أخبار الآحاد.
وقال بعضهم، وهو الأصح: إن كان في حال يفوت حكم الحادثة بالرجوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في السؤال عنه، يجوز له الاجتهاد لمساس الحاجة. وأما إذ أمكن (٧) للمجتهد الرجوع (٨) إلى جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل فوات حكم الحادثة، فالجواب فيه والجواب في حق من كان بحضرته سواء.
وقد اختلفوا فيه:
(١) في أ: "عنه". (٢) "أنه" ليست في ب. (٣) كذا في (أ) و (ب). وفي اللأصل كذا: "اليمين". (٤) كذا في أو ب. وفي الأصل: " أمر". وانظر فيما يلي ص ٤٧٤. (٥) في أ: "محتمل للخطأ". (٦) في ب كذا: "العمل". (٧) كذا في أو ب. وفي الأصل: "لم يمكن". (٨) في ب: " المجتهد الوصول".