لا تكن فتّانًا، إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك".
أعله أبو محمد بن حزم بالانقطاع، لأن معاذ بن رفاعة لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا أدرك هذا الذي شكا إلى رسول الله لأن هذا الشاكي قتل يوم أحد.
وفيه عن بريدة قال: إن معاذ صلى بأصحابه صلاة العشاء، فقرأ فيها {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}، فقام رجل من قبل أن يفرغ فصلى وذهب فقال له معاذ قولًا شديدًا، فأتى الرجل النبي فاعتذر إليه، فقال: إني كنت أعمل في نخلي وخفت على الماء فقال رسول الله: "صل بالشمس وضحاها ونحوها من السور".
رواه الإمام أحمد (١)، قال الحافظ ضياء الدين المقدسي: وهذا يدل على أن قصة معاذ كانت غير واحدة.
وفيه عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات. رواه النسائي.
وفيه حديث أبي قتادة عن النبي - عليه السلام - قال: "إني لأدخل في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه". رواه البخاري.
في هذه الأحاديث مسائل:
الأولى: أمر الأئمة بالتخفيف، وترك التطويل لعلل قد بانت في قوله عليه السلام: "فإن فيهم السقيم والكبير وذا الحاجة".
قال أبو عمر: التخفيف لكل إمام أمر مجتمع عليه مندوب عند العلماء إليه،
(١) "المسند" (٥/ ٣٥٥)، قال الهيثمي (٢/ ١١٩): رجاله رجال الصحيح. وصحح إسناده الشوكاني في "النيل" (٣/ ١٧٧).