ضرَبَ الله مثلًا لنفقةِ الكافرِ أنَّه لا يَتقبَّلُ منها شيئًا، والصِّرُّ هو البَرْدُ الشديدُ؛ قاله ابنُ عباسٍ وعكرمةُ وسعيدُ بنُ جُبيرٍ وغيرُهم (١).
ورُوِيَ عن ابنِ عباسٍ ومجاهدٍ: أنَّه النارُ (٢).
وسببُ عدمِ انتفاعِهم هم أنفسُهم؛ فاللهُ لم يَظلِمْهم، ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾، فهم لم يُقدِّموا العملَ للهِ وحدَهُ، وإنْ أخلَصُوا فيه لربِّهم، فهم لم يُقدِّمُوهُ لله؛ وإنَّما لغيرِه مِن الأربابِ مِن صنمٍ أو وثنٍ أو سلطانٍ، أو طلبًا لِلجاهِ والمَنزِلةِ؛ كما كان الناسُ يَفعلونَ في الجاهليَّةِ.
وكلُّ مَن قدَّمَ عملًا في دُنياهُ لدُنياه، لم يُؤجَرْ عليه في أُخرَاه؛ ففي "الصحيحِ"، عن عائشةَ؛ قالتْ: قلتُ: يا رسولَ الله، ابنُ جُدْعَانَ كان في الجاهليَّةِ يَصِلُ الرحِمَ، ويُطعِمُ المسكينَ، فهل ذاك نافِعُهُ؟ قال:(لَا يَنْفَعُهُ؛ إِنَّهُ لم يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)(٣).