قال البيهقيُّ: وقد روينا (١) عن أحمدَ بنِ حنبلٍ: أنه قال: لا أعلمُ في إيجاب العُمْرَةِ حديثاً أجودَ من هذا، ولا أصحَّ منه (٢).
واستأنس الشافعيُّ بأن الله - سبحانه - قرنَها مع الحَجِّ، وتَبِعَ في الاستئناس قولَ ابنِ عبَّاس: والذي نفسي بيده! إنها لَقَرِيْنَتُها في كتابِ اللهِ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}(٣)[البقرة: ١٩٦].
- ويحتملُ أن يكون المراد بإتمام الحجِّ والعمرة إتمامُ ما دخلنا فيه وعقدناه على أنفسنا من حَجٍّ أو عُمْرَةٍ، وهو الظاهرُ؛ لأن اللهَ - سبحانه - ذكرَ بعده حُكْمَ (٤) المُحْصَرِ الذي لم يُتِمَّ الحجَّ والعمرةَ.
فلا يكونُ فيها دليلُ وجوبِ الحجِّ والعمرةِ (٥)، فقد تكونُ العبادة غيرَ
= الحج، باب: الرجل يحج مع غيره، والنسائي (٢٦٣٧)، كتاب: الحج، باب: العمرة عن الرجل الذي لا يستطيع، والترمذي (٩٣٠)، كتاب: الحج، باب: الحج عن الشيخ الكبير، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (٢٩٠٦)، كتاب المناسك، باب: الحج عن الحي إذا لم يستطع. (١) في "ب": "رويناه". (٢) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٤/ ٣٥٠). (٣) رواه الإمام الشافعي في "الأم" (٢/ ١٣٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٥١)، وفي "معرفة السنن والآثار" (٢٧٨)، وعلَّقه البخاري في "صحيحه" (٢/ ٦٢٩). قال الحافظ في "الفتح" (٣/ ٥٩٨): والضمير في قوله: "لقرينتها" للفريضة، وكأن أصل الكلام أن يقول: لقرينته؛ لأن المراد الحج. (٤) "المحصر" ليس في "ب". (٥) قلت: فالآية واردة حينئذ على وجوب قضاء الحج والعمرة للمحصر بعد الشروع فيهما، ولا دلالة فيها على فرضية الحج والعمرة، وإنما تؤخذ الفرضية من أدلة أخرى واردة في هذا الباب.