أخرج الحاكم في المستدرك بسند صحيح على شرط الشيخين عن عائشة قالت: [لم يزل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسأل عن الساعة حتى أنزل اللَّه عز وجل: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا}] (١).
وأخرج البزار ورجاله رجال الصحيح عن طارق بن شهاب قال: [كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يزال يذكر شأن الساعة حتى نزلت:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} إلى قوله: {مَنْ يَخْشَاهَا}] (٢).
قال القرطبي:(ويجوز أن يكون إنكارًا على المشركين في مسألتهم له، أي فيم أنت من ذلك حتى يسألوك بيانَه، ولست ممن يعلمه. رُوي معناه عن ابن عباس. والذكْرَى بمعنى الذكر. {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا} أي منتهى علمها، فلا يوجد عند غيره علم الساعة).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}[لقمان: ٣٤].
٢ - وقال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي}[الأعراف: ١٨٧].
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة:[قال -جبريل- يا رسول اللَّه! متى تقوم الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل](٣).
وقوله تعالى:{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا}. قال النسفي:(أي لم تبعث لتعلمهم بوقت الساعة وإنما بعثت لتنذر من أهوالها من يخاف شدائدها).
وقوله تعالى:{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}. قال قتادة:(وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الآخرة).
والمعنى: كأن هؤلاء المكذبين بها، وبما فيها من الجزاء والحساب، يوم
(١) حديث صحيح. أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح على شرطهما، وأقرّه الذهبي. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٤٩٢) عن عروة به. وانظر: "الصحيح المسند من أسباب النزول" - الوادعي - سورة النازعات، الآيات (٤١ - ٤٥). وأخرجه الطبري (٣٦٣١٤). (٢) حديث صحيح. أخرجه البزار (٢٢٧٩)، والطبري (٣٦٣١٥) - عن طارق بن شهاب مرسلًا. (٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (١٠) - كتاب الإيمان. باب: الإسلام ما هو وبيان خصاله، من حديث أبي هريرة.